الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وعليه قيل لشريف سيء الأفعال:
ولا يلومن الشريف إلا نفسه إذا عومل حينئذٍ بما يكره وقدم عليه من هو دونه في النسب بمراحل، كما يحكي أن بعض الشرفاء في بلاد خراسان كان أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه كان فاسقًا ظاهر الفسق وكان هناك موسى أسود تقدم في العلم والعمل فأكب الناس على تعظيمه فاتفق أن خرج يومًا من بيته يقصد المسجد فاتبعه خلق كثير يتبركون به فلقيه الشريف سكران فكان الناس يطردونه عن طريقه فغلبهم وتعلق بأطراف الشيخ وقال: يا أسود الحوافر والمشافر يا كافر أنا ابن كافر ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذل وأنت تجل وأهان وأنت تعان فهم الناس بضربه فقال الشيخ: لا تفعلوا هذا محتمل منه لجده ومعفو عنه وإن خرج عن حده، ولكن أيها الشريف بيضت باطني وسودت باطنك فرؤي بياض قلبي فوق سواد وجهي فحسنت وسواد قلبك فوق بياض وجهك فقبحت؛ وأخذت سيرة أبيك وأخذت سيرة أبي فرآني الخلق في سيرة أبيك ورأوك في سيرة أبي فظنوني ابن أبيك وظنوك ابن أبي فعملوا معك ما يعمل مع أبي وعملوا معي ما يعمل مع أبيك، ولهذا ونحو قيل: أي لا ينفع في الامتياز على ذوي الخصال السنية إذا كانت النفس في حد ذاتها باهلية ردية ومن الكمالات عرية، فإن باهلة في الأصل اسم امرأة من همدان كانت تحت معن بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان فنسب ولده إليها، وقيل: بنو باهلة وهم قوم معروفون بالخساسة، قيل: كانوا يأكلون بقية الطعام مرة ثانية وكانوا يأخذون عظام الميتة يطبخونها ويأخذون دسوماتها فاستنقصتهم العرب جدًا حتى قيل لعربي أترضى أن تكون باهليًا وتدخل الجنة فقال: لا إلا بشرط أن لا يعلم أهل الجنة أني باهلي، وقيل: ولم يجعلهم الفقهاء لذلك أكفاء لغيرهم من العرب لكن لا يخلو ذلك من نظر، فإن النص أعني «إن العرب بعضهم أكفاء لبعض» لم يفصل مع أنه صلى الله عليه وسلم كان أعلم بقبائل العرب وأخلاقهم وقد أطلق؛ وليس كل باهلي كما يقولون بل فيهم الأجواد، وكون فصيلة منهم أو بطن صعاليك فعلوا ما فعلوا لا يسري في حق الكل اللهم إلا أن يقال: مدار الكفاءة وعدمها على العار وعدمه في المعروف بين الناس فمتى عدوا الباهلية عارًا وشاع استنقاصها فيما بينهم وأبتها نفوسهم اعتبر ذلك وإن لم يكن عن أصل أصيل، وهذا نظير ما ذكروا فيما إذا اشترى الشخص دارًا فتبين أن الناس يستشئمونها أنه بالخيار مع قول الجل من العلماء بنفي الشؤم المتعارف بين الناس اعتبارًا لكون ذلك مما ينقص الثمن بين الناس وإن لم يكن له أصل فتأمله، وبالجملة شرف النسب مما اعتبر جاهلية وإسلامًا، أما جاهلية فأظهر من أن يبرهن عليه، وأما إسلامًا فيدل عليه اعتبار الكفاءة في النسب في باب النكاح على الوجه المفصل في كتب الفقه، ولم يخالف في ذلك فيما نعلم إلا الإمام مالك والثوري والكرخي من الحنفية، وبعض ما تقدم من الأخبار يؤيد كلامهم لكن أجيب عنه في محله، وكذا يدل عليه ما ذكروه في بيان شرائط الإمامة العظمى من أنه يشترط فيها كون الإمام قرشيًا، وقد أجمعوا على ذلك كما قال الماوردي، ولا اعتبار بضرار وأبي بكر الباقلاني حيث شذا فجوزاها في جميع الناس، وقال الشافعية: فإن لم يوجد قرشي أي مستجمع لشروط الإمامة اعتبر كون الإمام كنانيًا من ولد كنانة بن خزيمة، فإن تعذر اعتبر كونه من بني إسماعيل عليه السلام، فإن تعذر اعتبر كونه من جرهم لشرفهم بصهارة إسماعيل عليه السلام إلى غير ذلك، ومع هذا كله فالتقوى التقوى فالاتكال على النسب وترك النفس وهواها من ضعف الرأي وقلة العقل، ويكفي في هذا الفصل قوله تعالى لنوح عليه السلام في ابنه كنعان: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالح} [هود: 46] وقوله عليه الصلاة والسلام: «سلمان منا أهل البيت» فالحزم اللائق بالنسيب أن يتقي الله تعالى ويكتسب من الخصال الحميدة ما لو كانت في غير نسيب لكفته ليكون قد زاد على الزبد شهدًا وعلق على جيد الحسناء عقدًا؛ ولا يكتفي بمجرد الانتساب إلى جدود سلفوا ليقال له: نعم الجدود ولكن بئس ما خلفوا، وقد ابتلى كثير من الناس بذلك فترى أحدهم يفتخر بعظم بال وهو عري كالإبرة من كل كمال ويقول: كان أبي كذا وكذا وذاك وصف أبيه فافتخاره به نحو افتخار الكوسج بلحية أخيه، ومن هنا قيل: وقال الفاضل السري عبد الباقي أفندي العمري: وما ألطف قوله: وأكثر ما رأينا ذلك الافتخار البارد عند أولاد مشايخ الزوايا الصوفية فإنهم ارتكبوا كل رذيلة وتعروا عن كل فضيلة ومع ذلك استطالوا بآبائهم على فضلاء البرية واحتقروا أناسًا فاقوهم حسبًا ونسبًا وشرفوهم أمًا وأبًا وهذا هو الضلال البعيد والحمق الذي ليس عليه مزيد، ولولا خشية السأم لأطلقنا في هذا الميدان عنان كميت القلم على أن فيما ذكرنا كفاية لمن أخذت بيده العناية والله تعالى أعلم.{قالتِ الأعراب ءامَنَّا}.قال مجاهد: نزلت في بني إسد بن خزيمة قبيلة تجاور المدينة أظهروا الإسلام وقلوبهم دغلة إنما يحبون المغانم وعرض الدنيا، ويروى أنهم قدموا المدينة في سنة جدبة فأظهروا الشهادتين وكانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان يريدون بذكر ذلك الصدقة ويمنون به على النبي عليه الصلاة والسلام، وقيل: هم مزينة وجهينة وأسلم وأشجع وغفار قالوا: آمنا فاستحقينا الكرامة فرد الله تعالى عليهم، وأيًا ما كان فليس المراد بالأعراب العموم كما قد صرح به قتادة وغيره، وإلحاق الفعل علامة التأنيث لشيوع اعتبار التأنيث في الجموع حتى قيل: كل جمع مؤنث والنكتة في اعتباره هاهنا الإشارة على قلة عقولهم على عكس ما روعي في قوله تعالى: {وَقال نِسْوَةٌ} [يوسف: 30] {قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ} إكذاب لهم بدعوى الإيمان إذ هو تصديق مع الثقة وطمأنينة القلب ولم يحصل لهم وإلا لما منوا على الرسول صلى الله عليه وسلم بترك المقاتلة كما دل عليه آخر السورة {ولكن قولواْ أَسْلَمْنَا} فإن الإسلام انقياد ودخول في السلم وهو ضد الحرب وما كان من هؤلاء مشعر به، وكان الظاهر لم تؤمنوا ولكن أسلمتم أو لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا لتحصل المطابقة لكن عدل عن الظاهر اكتفاء بحصولها من حيث المعنى مع إدماج فوائد زوائد، بيان ذلك أن الغرض المسوق له الكلام توبيخ هؤلاء في منهم بإيمانهم بأنهم خلوا عنه أولًا وبأنهم الممتنون إن صدقوا ثانيًا، فالأصل في الإرشاد إلى جوابهم قل كذبتم ولكن أخرج إلى ما هو عليه المنزل ليفيد عدم المكافحة بنسبة الكذب، وفيه حمل له عليه الصلاة والسلام على الأدب في شأن الكل ليصير ملكة لأتباعه وأن لا يلبسوا جلد النمر لمن يخاطبهم به وتلخيص ما كذبوا فيه.ومن الدليل على أنه الأصل قوله تعالى في الآية التالية: {أُوْلَئِكَ هُمُ الصادقون} [الحجرات: 15] تعريضًا بأن الكذب منحصر فيهم، وأوثر على لا تقولوا آمنا لاستهجان ذلك لا سيما من النبي صلى الله عليه وسلم المبعوث للدعوة إلى الإيمان، على أن إفادة {لَّمْ تُؤْمِنُواْ} لمعنى كذبتم أظهر من إفادة لا تقولوا آمنا كما لا يخفى، ثم قوبل بقوله سبحانه: {ولكن قولواْ أَسْلَمْنَا} كأنه قيل: قل لم تؤمنوا فلا تكذبوا ولكن قولوا أسلمنا لتفوزوا بالصدق إن فاتكم الإيمان والتصديق ولو قيل: ولكن أسلمتم لم يؤد هذا المعنى، وفيه تلويح بأن إسلامهم وهو خلو عن التصديق غير معتد به ولو قيل ولكن أسلمتم لكان ذلك موهمًا أن ذلك معتد به والمطلوب كماله بالإيمان ولا يحتاج هذا إلى أن يقال: القول في المنزل مستعمل في معنى الزعم، وقيل: في الآية احتباك والأصل لم تؤمنوا فلا تقولوا آمنا ولكن أسلمتم فقولوا أسلمنا فحذف من كل من الجملتين ما أثبت في الأخرى والأول أبلغ وألطف {وَلَمَّا يَدْخُلِ الايمان في قُلُوبِكُمْ} حال من ضمير {قولواْ} كأنه قيل: قولوا أسلمنا ما دمتم على هذه الصفة، وفيه إشارة إلى توقع دخول الإيمان في قلوبهم بعد فليس هذا النفي مكررًا مع قوله تعالى: {لَّمْ تُؤْمِنُواْ} وقيل: الجملة مستأنفة ولا تكرار أيضًا لأن لما تفيد النفي الماضي المستمر إلى زمن الحال بالإجماع وتفيد أن منفيها متوقع خلافًا لأبي حيان ولم لا تفيد شيئًا من ذلك بلا خلاف فلا حاجة في دفع التكرار إلى القول بالحالية وجعل الجملة توقيتًا للقول المأمور به {وَإِن تُطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ} بالإخلاص وترك النفاق {لاَ يَلِتْكُمْ مّنْ أعمالكم} لا ينقصكم {شَيْئًا} من أجورها أو شيئًا من النقص يقال لاته يليته ليتًا إذا نقصه، ومنه ما حكى الأصمعي عن أم هشام السلولية الحمد لله الذي لا يفات ولا يلات ولا تصمه الأصوات.وقرأ الحسن. والأعرج. وأبو عمرو {لا} من ألت يألت بضم اللام وكسرها ألتًا وهي لغة أسد وغطفان، قال الحطيئة: والأولى لغة الحجاز والفعل عليها أجوف وعلى الثانية مهموز الفاء، وحكى أبو عبيدة ألات يليت {واعلموا أَنَّ الله غَفُورٌ} لما فرط من المطيعين {رَّحِيمٌ} بالتفضل عليهم. اهـ. .قال ابن عاشور: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}.أعيد النداء خامس مرة لاختلاف الغرض والاهتمام به وذلك أن المنهيات المذكورة بعد هذا النداء من جنس المعاملات السيئة الخفية التي لا يتفطن لها من عومل بها فلا يدفعها فما يزيلها من نفس من عامله بها.ففي قوله تعالى: {اجتنبوا كثيرًا من الظن} تأديب عظيم يبطل ما كان فاشيًا في الجاهلية من الظنون السيئة والتهم الباطلة وأن الظنون السيئة تنشأ عنها الغيرة المفرطة والمكائد والاغتيالات، والطعن في الأنساب، والمبادأة بالقتال حذرًا من اعتداء مظنون ظنًا باطلًا، كما قالوا: خذ اللص قبْلَ أن يَأخُذَك.وما نجمت العقائد الضالة والمذاهب الباطلة إلا من الظنون الكاذبة قال تعالى: {يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية} [آل عمران: 154] وقال: {وقالوا لو شاء الرحمان ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون} [الزخرف: 20] وقال: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرَّمنا من شيء} [الأنعام: 148] ثم قال: {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون} [الأنعام: 148].وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» ولما جاء الأمر في هذه الآية باجتناب كثير من الظن علمنا أن الظنون الآثمة غير قليلة، فوجب التمحيص والفحص لتمييز الظن الباطل من الظن الصادق.والمراد بـ {الظن} هنا: الظن المتعلق بأحوال الناس وحذف المتعلّق لتذهب نفس السامع إلى كل ظن ممكن هو إثم.وجملة {إن بعض الظن إثم} استئناف بياني لأن قوله: {اجتنبوا كثيرًا من الظن} يستوقف السامع ليتطلب البيان فأعلموا أن بعض الظن جرم، وهذا كناية عن وجوب التأمل في آثار الظنون ليعرضوا ما تفضي إليه الظنون على ما يعلمونه من أحكام الشريعة، أو ليسألوا أهل العلم على أن هذا البيان الاستئنافي يقتصر على التخويف من الوقوع في الإثم.وليس هذا البيان توضيحًا لأنواع الكثير من الظن المأمور باجتنابه، لأنها أنواع كثيرة فنبه على عاقبتها وتُرك التفصيل لأن في إبهامه بعثًا على مزيد الاحتياط.ومعنى كونه إثمًا أنه: إمّا أن ينشأ على ذلك الظن عمل أو مجرد اعتقاد، فإن كان قد ينشأ عليه عمل من قول أو فعل كالاغتياب والتجسس وغير ذلك فليقدِّر الظانّ أن ظنه كاذب ثم لينظر بعدُ في عمله الذي بناه عليه فيجده قد عامل به من لا يستحق تلك المعاملة من اتهامه بالباطل فيأثم مما طوى عليه قلبه لأخيه المسلم، وقد قال العلماء: إن الظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز.وإن لم ينشأ عليه إلا مجرد اعتقاد دون عمل فليقدِّر أن ظنه كان مخطئًا يجد نفسه قد اعتقد في أحد ما ليس به، فإن كان اعتقادا في صفات الله فقد افترى على الله وإن كان اعتقادًا في أحوال الناس فقد خسر الانتفاع بمن ظنه ضارًا، أو الاهتداء بمن ظنه ضالًا، أو تحصيل العلم ممن ظنه جاهلًا ونحو ذلك.ووراء ذلك فالظن الباطل إذا تكررت ملاحظته ومعاودة جولانه في النفس قد يصير علمًا راسخًا في النفس فتترتب عليه الآثار بسهولة فتصادف من هو حقيق بضدها كما تقدم في قوله تعالى: {أن تُصِيبُوا قوما بجهالة فتُصبحُوا على ما فعلتم نادمين} [الحجرات: 6].والاجتناب: افتعال مِن جنَّبه وأجنبه، إذا أبعده، أي جعله جانبًا آخر، وفعله يُعدّى إلى مفعولين، يقال: جَنبه الشرَّ، قال تعالى: {واجْنُبْنِي وبَنِيّ أن نعبد الأصنام} [إبراهيم: 35].ومطاوعه اجتَنب، أي ابتعد، ولم يسمع له فعل أمر إلا بصيغة الافتعال.ومعنى الأمر باجتناب كثير من الظن الأمر بتعاطي وسائل اجتنابه فإن الظن يحصل في خاطر الإنسان اضطرارًا عن غير اختيار، فلا يعقل التكليف باجتنابه وإنما يراد الأمر بالتثبت فيه وتمحيصه والتشكك في صدقه إلى أن يتبين موجبه بدون تردد أو برجحان أو يتبين كذبه فتكذب نفسك فيما حدثتك.وهذا التحذير يراد منه مقاومة الظنون السيئة بما هو معيارها من الأمارات الصحيحة.وفي الحديث «إذا ظننتم فلا تحققوا» على أن الظن الحسن الذي لا مستند له غير محمود لأنه قد يوقع فيما لا يحد ضره من اغترار في محل الحذر ومن اقتداء بمن ليس أهلًا للتأسي.وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم عطية حين مات في بيتها عثمان بن مظعون وقال: رحمة الله عليك أبا السايب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، قال: «وما يدريكِ أن الله أكرمه»فقالت: يا رسول الله ومن يكرمه الله؟ فقال: «أمَّا هو فقد جاءه اليقين وإنّي أرجو له الخير وإنّي والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي». فقالت أم عطية: والله لا أزكّي بعده أحدًا.وقد علم من قوله: {كثيرًا من الظن} وتبيينِه بأن بعض الظن إثم أن بعضًا من الظن ليس إثمًا وأنا لم نؤمر باجتناب الظن الذي ليس بإثم لأن {كثيرًا} وصف، فمفهوم المخالفة منه يدلّ على أن كثيرًا من الظنّ لم نؤمر باجتنابه وهو الذي يبينه {إن بعض الظن إثم} أي أن بعض الظن ليس إثمًا، فعلى المُسلم أن يكون معيارُه في تمييز أحد الظنين من الآخر أن يعرضه على ما بينته الشريعة في تضاعيف أحكامها من الكتاب والسنة وما أجمعت عليه علماء الأمة وما أفاده الاجتهاد الصحيح وتتبع مقاصد الشريعة، فمنه ظن يجب اتباعه كالحَذر من مكائد العدّو في الحرب، وكالظنّ المستند إلى الدليل الحاصل من دلالة الأدلة الشرعية، فإن أكثر التفريعات الشرعية حاصلة من الظن المستند إلى الأدلة.
|